الغوغائية الديماغوجية
الغوغائية أو الديماغوجية هي إستراتيجيةلإقناع الجماهير إستناداً على مخاوفهم وأفكارهم المسبقة ، وتعتمد مجموعة معينة على الإشارة إلى إستراتيجية سياسية للحصول على السلطة وكسب القوة من خلال إستخدام نظرية (العقل الرعوي) والتي تعتمد على مخاوف وتوقعات الجماهير المسبقة. أي أن هذه المجموعة تقوم بقيادة الشعب في مسارات محددة تم تحديدها مسبقاً لذلك تم تشبيهها ب(رعاية القطيع) ونجد أن الترجمة الحرفية لمصطلح الديماغوجية وهي كلمة يونانية قديمة (ديما من ديموس وتعني الشعب ، وغوجية وتعني قيادة) ويمكن أن نعرفها سياسياً أنها مجموعة الأساليب التي يتبعها السياسيون لخداع الشعب وإغرائه ظاهرياً للوصول للسلطة. وكذلك عُرِّفت الغواغائية أنها وصف يطلق على مجموعة من الناس أو شرائح من المجتمع تحاول تقديم أفكارها بطريقة فوضوية عشوائية والدفاع عنها بشكل غير منظم يخلو من العقلانية إستناداً على مخاوف وأحكام مسبقة . ومعنى غوغاء في اللغة العربية هو الصوت والجلبة ويطلق على مايحدثه الجراد من جَلَبة مع بداية طيرانه. يدافع الغوغائيون عن أفكارهم وهم مقتنعون بأنهم يملكون الحقيقة ويتحركون خارج سياق القوانين لكي يفرضوا أرائهم ومعتقداتهم بطريقة إستبدادية. أطلق الفيلسوف الشيوعي المعروف (كارل ماركس) المولود عام 1818م على الغوغاء إسم (لومب بروليتاريا) وهي تعني تحت أو دون البروليتاريا ، وقد قصد بذلك أن يُعَبِر عن العناصر التي تعيش على هامش الطبقة العاملة وهو يصفهم بقوله (هم حثالة الفئات الدنيا من المجتمع القديم ، فإنهم قد ينجرفون هنا وهناك في الحركة بفعل ثورة بروليتارية وهم يمثلون عائقاً أمام تحقيق مجتمع لا طبقي). الطبيب والمؤرخ الفرنسي (جوستاف لوبون) المولود عام 1841م ذكر في تفسيره للغوغاء أن الجماهير بحاجة إلى من يقودها لأنها عبارة عن قطيع لا يستطيع الإستغناء عن راعٍ يقوده. وقد ذكر (جوستاف لوبون) في كتابه (سيكولجية الجماهير) والذي تم نشره في العام 1895م أن من أهم خصائص الجماهير هو إنطماس شخصية الفرد وإنخراطه في شخصية الجمهور والذي يترتب عليه تخليه عن عقله الواعي ومنطقيته حتى يتماشى معهم ، إذ أنه ليس من السهولة السباحة عكس التيار ، ويسترسل الكاتب ليقول عندما تغيب شخصية الأفراد ووعيهم في موجة الجماهير العاطفية يمكن أن نفسر إنسياق بعض النخب الواعية والمستقلة (بعيداً عن النخب المأجورة لأداء دورٍ ما) خلف آراء وعواطف الجمهور حتى وإن كانت مخالفه لأبسط قواعد التحاكم العقلي التي عُرفت بها تلك النخب ، لا سيما وإن كانت مخالفة تلك الجماهير ستجلب لها الإنتقاد أو على الأقل ستبعدهم عن أداء دور ما في التوجيه وستقذف بهم خارج دائرة التأثير والحدث ، يتميز الجمهور في هذه الحالة بالتفكير اللا واعي نتيجة طغيان العاطفة والحماسة على مشاعره وتفكيره وبالتالي يكون في حالة تلقي وتلقين للأفكار لا إنتاجها تجذبه الأفكار السهلة والسطحية لذلك تنتشر فيه بسهولة الإشاعات الغير منطقية والتي لو فكر فيها الفرد لوحده و بتمعن لرأى هشاشتها ، كما تعلو في هذه الحالة ظاهرة التحريض والتي تصبح مرضاً معدياً يسري كالنار في الهشيم في أوساط الجمهور. وأكرر هنا أن كتاب (سيكولوجية الجماهير) تم نشره العام 1895م . وفي المقال القادم إن شاء الله سأحاول أن أورد مثالاً عن الغوغائية التي حدثت في سوداننا الحبيب في القرن التاسع عشر من وجة نظري الشخصية إستناداً على أحداث نقلها عدد من المؤرخين. ولكم تحياتي 🖋منير معاوية باحث في العلاقات الدولية الخرطوم 4 مايو 2019م