التاريخ الأسود بين القرامطة وآل دقلو
التاريخ_الأسود بين القرامطة وآل دقلو: فصول من الظلم والدمار على مر العصور، شهدت البشرية أحداثًا مأساوية تظل محفورة في ذاكرة التاريخ، من بينها واقعتان غريبتان الأولى في القرن العاشر الميلادي والثانية تدور أحاثها حالياً في زماننا هذا , شكلت هذه الأحداث صدمة في ذاكرة الشعوب بسبب فظاعتها وأثرها العميق. الأولى هي هجوم #القرامطة على مكة المكرمة , والأخرى هي اعتداءات ما يعرف بقوات الدعم السريع المتمردة بقيادة #آل دقلو. في هذا المقال , سنتطرق لهاتين الحادثتين ونكشف عن أوجه التشابه والاختلاف بينهما , وكيف تركت كل منهما بصمة سوداء في سجلات التاريخ. *#القرامطة وهجومهم على مكة المكرمة* في شهر ذي الحجة من عام 317 هـ (929م)، ضربت مكة المكرمة إحدى أكثر الكوارث رعباً في تاريخ الإسلام عندما اجتاحت المدينة قوات القرامطة بقيادة زعيمهم أبو طاهر الجنابي , والقرامطة هي في الأساس حركة دينية متطرفة منبثقة من المذهب الإسماعيلي خرجت ضد الدولة العباسية السنية وكذلك حاربت ضد الدولة الفاطمية الشيعية وأقامت دولة خاصة بهم في البحرين. الهجوم على مكة المكرمة كان جزءاً من سياق أكبر من الغزوات التي شنها القرامطة ضد المدن الإسلامية الكبرى، بهدف إضعاف السلطة العباسية وإثارة الفوضى. في بداية شهر ذي الحجة، اقتحمت قوات أبو طاهر المدينة المقدسة، وقاموا بقتل العديد من الحجاج بشكل وحشي، حيث تراوحت تقديرات عدد القتلى بين 20,000 و30,000 ضحية. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد, بل قام القرامطة بنهب مكة وتدمير المعالم الإسلامية، بما في ذلك الحجر الأسود , الذي قاموا بسرقته ووضعوه في البناء الذي بنوه في (القطيف) قبل أن يعيدوه إلى مكة بعد 22 سنة . وكان الغدر حاضراً في هذه المأساة , حيث دخل أبو طاهر الجنابي برفقة جيشه إلى مكة المكرمة كحجاج وتعهدوا قبل الدخول لحاكمها في ذلك الوقت (محمد بن إسماعيل ابن المحارب) بتوفير الأمن والأمان للحجاج وسكان مكة , ولكنهم مع بداية دخولهم أشهروا سيوفهم وقتلوا الحجاج وسكان المدينة وكان من بين القتلى حاكم مكة (ابن المحارب) . من بين فظائع القرامطة , أنهم تركوا جثث القتلى ملقاة في الشوارع دون دفن , وكانت هذه المشاهد صادمة وغير إنسانية بشكل لا يصدق. *#آل دقلو واحتلالهم للخرطوم* ننتقل بالمشاهد الدموية إلى العصر الحديث، حيث يشهد السودان موجة من الاضطرابات السياسية والأمنية، كان أبرزها في الفترة الأخيرة هجوم ما يعرف بقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي". بدأت الأحداث في أبريل 2023، وذلك بتمرد قوات آل دقلو بقيادة زعيمهم محمد حمدان ، مما أدى إلى قتال عنيف في العاصمة الخرطوم وعدد من ولايات السودان. أصبحت الأوضاع في الخرطوم مأساوية بعد العدوان ؛ حيث تم نهب المدينة وتدميرها على نطاق واسع ووفقًا للتقارير, قُتل الآلاف من المدنيين , ونزح الملايين , وشهدت المدن الأخرى مثل مدني وسنار ونيالا انتهاكات مماثلة. في إطار هذه الفظائع، ارتكبت قوات دقلو جرائم مروعة تشمل … القتل وانتهاك الاعراض واحتلال مساكن المواطنين ونهب الممتلكات السرقة المنظمة وتدمير مؤسسات الدولة وحرق المنشآت.. وكانوا يهاجمون المواطنين العزل بوحشية و بشكل عشوائي وبدون رحمة ؛ بل ارتكبوا مجازر في حق الأبرياء والعزل عندما اتخذوا من منازل المدنيين ومن المستشفيات ثكنات حربية لإدارة أعمالهم الإجرامية . على سبيل المثال , في أحد الحوادث البشعة مع بدايات التمرد، قامت قوات آل دقلو بقتل عدد من المواطنين في الخرطوم أثناء تواجدهم داخل سياراتهم. تم إطلاق النار عليهم بشكل عشوائي، مما أدى إلى مقتلهم فوراً. وبالإضافة إلى ذلك، قامت قوات دقلو بمنع الأهالي من ستر الجثامين أو دفنها، مما زاد من معاناة أسر الضحايا وأدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية. *أوجه التشابه والاختلاف* بينما تمثل هجمات القرامطة في مكة والاعتداءات التي نفذها آل دقلو في السودان نوعين مختلفين من الهجمات، فإن هناك بعض أوجه التشابه بينهما. كلاهما يستهدف المدن والمواطنين ، ويتسم بالعنف الشديد والإضرار بالبنية التحتية , وكلاهما اتخذ من الغدر وسيلة لتحقيق أهدافه وترويع الآمنين. من جهة أخرى , تختلف السياقات التاريخية والثقافية بين الحادثتين؛ فالهجوم القرامطي كان جزءاً من صراع أيديولوجي ديني في العصور الوسطى، بينما الصراع في السودان في حقيقته تمرد من قوات شبه نظامية تتبع للجيش السوداني. في الختام، يظل التاريخ شاهداً على الفظائع التي يمكن أن يرتكبها الإنسان ضد أخيه الإنسان , سواء في العصور القديمة أو الحديثة. من خلال دراسة هذه الأحداث، يمكننا أن نأمل في أن نتعلم دروساً من الماضي ونبني مستقبلاً أكثر أمناً وإنسانية. *#بحثا_عن_العقل_الواعي* 🖋️ *منير معاوية علي* *باحث في العلاقات الدولية* 26 صفر 1446 هجرية 30 أغسطس 2024 ميلادية
5/10/20251 min read

