حرية - سلام - عدالة

هذه العبارات النبيلة مثلت الشعار الذي إلتف حوله الشعب السوداني في ثورته ذات المطالب العادلة، وكلنا يحلم بتطبيق هذه الشعارات التي تمثل (الدولة الراشدة) التي يقودها مجتمعها وليس العكس، حيث أن الدولة إذا قادت المجتمع وأجبرته على أشياء لا تتوافق مع مطالبه وتجاهلت رؤاه وأفكاره ستصل هذه الدولة إلى المرحلة الفرعونية (ما أريكم إلا ما أرى) وستزول لامحالة. من واجب الدولة أن تكون (خادماً) للمجتمع ملبيةً لتطلعاته وآماله وتسير وفق موجهات الشعب وبذلك يكون الشعب هو من يقود الدولة، ولن يتأتى ذلك إلا بوجود دستور دائم يمثل الشعب تمثيلاً حقيقياً ، إذا قرأه أي فرد من أفراد الشعب يشعر أنه داخل هذا الدستور (عدلاً وأمناً وغايات) ومن هنا تبدأ العدالة. سأحاول في هذه الأسطر أن أبين بإختصار مفاهيم العبارات التي إتخذناها شعاراً (حرية-سلام-عدالة) والشعار هنا آمل أن يكون ليس للترديد وإنما للتنفيذ فقد عايشنا في الثلاث عقود الماضية شعاراتٍ نبيلة ولكنها لم تبرح دائرة الترديد. #الحرية:- عند التطرق لمفهوم الحرية لابد لنا أن نمر على (إعلان حقوق الإنسان والمواطن) الذي أصدرته الجمعية التأسيسية الوطنية الفرنسية عام 1789م والذي يعتبر وثيقة ثورية نتجت عن الثورة الفرنسية ، حيث جاء تعريف الحرية بهذا الإعلان في المادة الرابعة التي نصت على :((تكمن الحرية في القدرة على فعل كل مالا يتسبب في إيذاء الآخرين وذلك يعني أن حدود الحقوق الطبيعية للإنسان تقف عند حقوق الآخرين . القانون وحده هو من يقرر هذه الحدود)). ومن التعاريف الشائعة للحرية أنها إمكانية الفرد على إتخاذ قرار أو تحديد خيار من عدة إمكانيات موجودة دون أي إلزام أو ضغط خارجي. ولمصطلح (الحرية) عدة تقسيمات منها (الحرية السالبة،الموجبة،الخارجية،الداخلية،الفردية،الإجتماعية) يمكن أن نفصل فيها في مساحات قادمة إن شاء الله. إذاً الحرية هي قدرة الإنسان على فعل مايشاء والفعل هنا يمكن أن يأتي بمعنى (معتقد فكري أو ثقافي أو ديني...إلخ) أو بمعنى فعل مادي أو سلوكي أو غيره ولكن هذه الحرية يجب ان لا تتعارض مع حرية الآخرين ، إذاً هنالك حدود للحرية لكي لاتصبح فوضى ، والمحدد لهذه الحدود هو (القانون). #السلام:- السلام هو حالة التوافق والإنسجام بين مختلف فئات ومكونات المجتمع ، وتتميز حالة السلام بنبذ العنف بجميع أنواعه (سلوكي،لفظي..إلخ) ، ومن أساسيات مبدأ السلام عدم وجود العداوة والإنتقام. إذا فقد المجتمع مبدأ السلام سينشغل هذا المجتمع عن قضاياه الأساسية ولن يكون بمقدوره التطور والنماء والرفاهية . جميع الأديان السماوية قد دعت إلى السلام كقيمة إنسانية مستحقة وواجبة، وأيضاً شجعت الأديان على إشاعة لغة الحوار والتفاهم والتعاون بين الأمم. ونجد أيضاً أن مصطلح (السلام) يستخدم كنقيض ومعاكس (للحرب والعنف). أعلم الناس بقيمة السلام من فقدها ، فتجد أن الذين عايشوا الحروب والإنفراط الأمني هم أكثر الناس دعوةً وسعياً للسلام. إذاً السلام يعني إيقاف الحروب وإيقاف العنف اللفظي والسلوكي المبني على إقصاء الآخر عداوةً أو إنتقاماً وإشاعة روح المحبة والإخاء والتصافي ، وحين إذٍ يكون علاج الخلافات بالتحاور ويكون الفصل بين النزاعات بالقانون. العدالة:- عندما نذكر مصطلح (العدالة) يقفز إلى أذهاننا مباشرةً مصطلح (القانون)، إذ لاعدالة مع عدم توفر القانون ، لذلك تم تعريف العدالة على أنها العمل وفقاً لمتطلبات وقواعد القانون سواءاً إرتكزت هذه القواعد على الإجماع البشري أو على المعايير الإجتماعية. تحقيق العدالة يعني تحقيق المساواة بين جميع مكونات الشعب الواحد، لذلك نجد أن كل الشعوب تدعوا وتطالب بالعدالة، منهم من وصل إلى مبتغاه بإنشاء (دولة العدل والقانون) ومنهم من يرزح حتى يومنا هذا في جحيم الظلم والإستبداد. العدالة تضمن لجميع أفراد المجتمع المساواة والتوازن في الحقوق والواجبات وفقاً للقانون العادل ، وعند تحقيق مبدأ العدالة تتحقق المساواة بين جميع أفراد المجتمع بغض النظر عن مركز الشخص أو جنسه أو دينه، وبذلك سوف يتحقق الأمن والسلام لجميع أفراد المجتمع ولن يشعر أحد بالظلم والخوف وسيشعر الجميع بالإنصاف والرضا. هذا ملخص مختصر عن شعار (حرية-سلام-عدالة) ، أدعو من هذه الزاوية أن نعمل جميعاً لتحقيق هذا الشعار عملاً لاقولاً وفعلاً لا ترديداً لكي نُتْبِعَ القول العمل ، ولنؤسس سوياً كأفراد في هذا المجتمع (دولة القانون التي يحميها الدستور ويحرسها الشعب) #حرية_سلام_عدالة معاً من أجل نشر الوعي ولكم تحياتي 🖋 منير معاوية باحث في العلاقات الدولية الخرطوم 9 رمضام 1440ه‍ 14 مايو 2019م