خراب الخرطوم

في الظلمات التاريخية التي شهدتها الخرطوم، انعكست أحداثٌ تتباين في الزمن والملابسات، ولكنها تجمعها مأساة مشتركة من الخراب والدمار والنهب والسلب والتشريد. لم تكن هذه المدينة القديمة تجهل الألم والدم&اء التي سالت في أرجائها. الخراب الأول: ما يعرف بالثورة المهدية (1885م) كانت الخرطوم، ذلك المركز التجاري والثقافي النابض في زمانها، شاهدة على واحدة من أكثر الأحداث الدم&وية في تاريخ السودان. في 26 يناير 1885م، اجتاحت قوات ما يعرف بالثورة المهدية بقيادة محمد أحمد الذي يدعي أنه المهدي المنتظر، المدينة بوحشية لا مثيل لها. قُ%تل عشرات الآلاف من المواطنين العزل نساءً وأطفلاً ورجالاً ب&دم بارد فقط لأنهم كانوا من سكان الخرطوم، الذين يعارضون فكرة الثورة. بعد ستة أشهر فقط، في 4 أغسطس 1885م، أمر عبدالله التعايشي بإخلاء الخرطوم، وما تبقى من سكانها تم تهجيرهم قسرًا، وتدمير منازلهم، ونهب ممتلكاتهم. لم تسلم أبواب منازلهم وشبابيكها من أيدي النهابة، حيث تم نقل أخشابها إلى أمدرمان، المركز الجديد للسلطة. الخراب الثاني: ما يسمى بالدعم السريع (2023م) تاريخ 15 أبريل 2023م يبقى علامةً سوداءً في تاريخ الخرطوم المعاصر، حيث قامت قوات الدعم السريع بالتمرد على الحكومة، مستخدمة الغدر والعنف كوسيلة لتحقيق أهدافها. تم ق&تل وأسر آلاف الأبرياء، وجُرح وتشرد آخرون، فيما تم نهب منازل وسيارات وممتلكات عامة وخاصة بشكل غير مسبوق. لم تسلم حتى الأبواب والشبابيك والأثاثات من عمليات النهب والسرقة المنظمة، حيث شُحنت إلى دارفور حيث ينتمي السواد الأعظم من هذه القوات المتمردة. خلفت هذه الحرب مئات الآلاف من الش&هداء وملايين من النازحين , إحصائيات غير رسمية قدرت أعداد النازحين من الخرطوم وحدها ب 8 ملايين نازح ومن بقية الولايات المتأثرة بالحرب عدد مماثل أي ما يفوق 16 مليون نازح . لا يختلف كثيرون على أن القوات المتورطة في هذا الخراب هي بالأساس من قبائل دارفور العربية، التي تعتبر محورًا لقوة الثورة المهدية والدعم السريع. حيث ينتمي عبدالله التعايشي ومحمد دقلو إلى قبيلة الرزيقات التي تشكل الغالبية بالإضافة لعدد من قبائل دارفور العربية ، مع كامل الإحترام لعقلاء هذه القبائل ، فقد خرج من قبيلة قريش العربية رسول الله محمد عليه وعلى آله السلام وأيضاً خرج منها عمه الطاغية أبو لهب . تحديات المستقبل مع كل تلك الأحداث المأساوية، لا يزال اليقين موجودًا بعودة الخرطوم كما كانت، حرة وأبية وشامخة. سيعود السودان شعب كوش إلى مكانته الطبيعية بين الأمم، بتضحيات الأبطال الذين يسعون لبناء مستقبل مشرق لبلادهم. في النهاية، فإن تاريخ الخرطوم يدرسنا أن الدماء التي تسيل على أرضها لن تمحى بسهولة، لكنها تشكل جزءًا لا يتجزأ من تاريخها وتطورها, وعندما نسير في أرجائها سنتذكر دوماً أنها مروية بد&دماء طاهرة ونقية ضحى أصحابها من أجل بناء مستقبل مشرق وواقع أفضل . #بحثاً_عن_العقل_الواعي 🖋️ منير معاوية علي باحث في العلاقات الدولية الرابع عشر من محرم 1446 هجرية الموافق العشرون من يوليو 2024 ميلادية الدوحة_قطر

1/20/20251 min read

My post content