مفهوم الفصل بين السلطات

((شرح مختصر لنظرية مونتسكيو )) المفكر الفرنسي (مونتسكيو) الذي ولد في العام 1689م قام بشرح لنظريته الشهيرة (الفصل بين السلطات) في كتابه ذائع الصيت (روح الشرائع) والذي تمت طباعته في العام 1748م ، حيث نجد أن (مونتسكيو) كان معجباً جداً بنظام الحكم في (إنجلترا) فأفرد له فصلاً كاملاً في الباب الحادي عشر (القوانين التي تُوجِد الحرية السياسية من حيث صلتها بالنظام). وهو الفصل السادس (نظام إنجلترا) . يذكر (مونتسكيو) في هذا الفصل أنه في كل دولة يوجد ثلاثة أنواع من السلطات وهي : 1/السلطة التشريعية. 2/السلطة التنفيذية والتي تخضع لحقوق الأمم.(التنفيذية) 3/السلطة التنفيذية الخاضعة للحقوق المدنية.(القضائية) ويُفَصّل (مونتسكيو) ويذكر أن الأمير أوالحاكم يضع القوانين بالسلطة الأولى لزمنٍ معين أو لكل زمن ويُصلِح أو يلغي ما وُضِعَ منها (السلطة التشريعية). وبالثانية يقرر السِلم أو الحرب ويرسل السفارات أو يقبلها، ويوطد الأمن ويحول دون الغارات المعادية (سلطة الدولة التنفيذية). وهو بالثالثة يعاقب على الجرائم أو يقضي فيما بين الأفراد من خصومات ، وتسمى هذه الأخيرة (السلطة القضائية). ويزيد (مونتسكيو) في التفصيل ويذكر أن حرية المواطن السياسية تقوم على راحة النفس التي تنشأ عن رأي كل واحدٍ حول سلامته، ويجب لنيل هذه الحرية أن تكون للحكومة من الوضع مالا يُمكِنُ المواطن معه أن يخشى مواطناً آخر. وهنا يرى (مونتسكيو) أن على الحكومة أن تحكم بالعدل والإنصاف وهذا العدل يكون شعوراً يشعر به المواطن حقيقةً. إذاً إذا شعر أي مواطن بالخوف من مواطن آخر بسبب إنتمائه السياسي أو الفكري فقد إنتفت (الحرية) ، وهذه من مسؤوليات (الحكومة) التي عليها أن تبتعد عن الظلم وأن تؤمن بالحريات كحق أساسي للمواطن. ويذكر (مونتسكيو) أن الحرية تنتفي مطلقاً إذا ما إجتمعت السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية في شخص واحد أو في هيئة حاكمة واحدة وذلك لأنه يُخشَى أن يَضَع الحاكم أو المشرعين قوانين جائرة لينفذوها تنفيذاً جائراً . أي أصبحت جهة واحدة أو شخص واحد هو الجلاد والحكم. ويرى (مونتسكيو) أيضاً أنه لاتتحقق الحرية إذا لم نفصل سلطة القضاء عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية ، حيث أن إحدى السلطتين أو كلاهما إذا إتحدت مع السلطة القضائية كان السلطان على الحياة وحرية المواطنين أمراً مزاجياً مراديّاً . وذلك لأن القاضي يصير مشرعاً ، وإذا كانت متحدة بالسلطة التنفيذية أمكن القاضي أن يصبح صاحباً لقدرة الباغي. وكل شيئ يضيع إذا مارس الرجل نفسه أو الهيئة أو الأعيان أو الشعب نفسها هذه السلطات الثلاثة (سلطة وضع القوانين <التشريع>. وسلطة تنفيذ الأوامر العامة <التنفيذية> . وسلطة القضاء في الجرائم أو في خصومات الأفراد <القضائية> .) إذا أردنا أن نلخص نظرية المفكر (مونتسكيو) في مايلي الفصل بين السلطات كأحد أهم مبادئ الحكم الديمقراطي للدول، فنجد أن الدولة مقسمة إلى سلطات وأن كل سلطة من هذه السلطات يجب أن تكون منفصلة ومستقلة تماماً عن بقية السلطات. وهذا الإستقلال يجب أن يكون في الصلاحيات ومجالات المسؤولية. وتُقَسم هذه السلطات إلى ثلاثة أقسام هي : 1/ السلطة التشريعية: وتتمثل هذه السلطة في البرلمان والذي يضم ممثلي الشعب ، ويجب أن يتم هذا التمثيل عبر الإنتخابات . وهذا البرلمان مسؤول عن تشريع القوانين والرقابة على الحكومة (السلطة النفيذية). 2/ السلطة التنفيذية: تتمثل السلطة التنفيذية في الحكومة وأبرز مسؤوليات هذه الحكومة مايلي :- أ. تنفيذ القوانين التي تم تشريعها بواسطة البرلمان. ب. إدارة شئون البلاد الداخلية والخارجية. يتم تشكيل هذه الحكومة بناءً على رغبة أغلبية الشعب ، وفي الديمقراطيات الحديثة يتم تنظيم الوصول لتشكيل الحكومة بإحدى الطريقتين (النظام البرلماني، النظام الرئاسي). ويمكن أن نوردهما تفصيلاً في مقال آخر إن شاء الله. 3/ السلطة القضائية: هي السلطة التي تختص في الفصل بين النزاعات بين الأفراد أو المؤسسات ، ويشترط أن يتوفر في أفراد هذه السلطة المهنية وأن يكون مشهود لهم بالنزاهة وأن لايتم إختيارهم قبلياً أو جهوياً أو توريثاً. وعندما نتحدث عن إستقلالية القضاء يجب أن نشير إلى ضرورة أن تُنَظّم هذه السلطة وفق ضوابط ولوائح صارمة لاتسمح بأي تدخل في العزل أوالتعيين في مواقعها المختلفة من قبل أي سلطة أخرى. ختاماً أشير إلى أن نظرية الفصل بين السلطات ل (مونتسكيو) قد وجدت رواجاً كبيراً في أوروبا وأمريكا في ذلك الزمان ، وقد أثرت مبادئها على دستور الولايات المتحدة الأمريكية الذي تم وضعه في العام 1789م وعلى إعلان حقوق الإنسان والمواطن الذي نتج عن الثورة الفرنسية أيضاً في العام 1789م وعلى دساتير أغلبية الأنظمة الديمقراطية الحالية. وفي رأيي الشخصي أن الفصل بين السلطات نحتاج إلى تطبيقه وإقراره في السودان ، حيث أنه إذا أردنا تأسيس نظام ديمقراطي يجب أن نعتمد هذه النظرية المهمة. وعلينا أيضاً أن لا نقبل بأي تشريع لايتم عن طريق البرلمانات المنتخبة إنتخاباً حراً ونزيهاً من قبل الشعب . وأيضاً على أهل الفكر والسياسة أن يقوموا بالإضطلاع بواجبهم ومسؤولياتهم التأريخية في نشر الوعي بين الناس ، وأقولها صراحةً أن السياسيين الذين لاينشرون الوعي ولايجتهدون من أجل تبصير الشعب عن المفاهيم العامة للحكم والديمقراطية والحرية والعدالة هم سياسيون إنتهازيون وأصحاب أغراض غير وطنية ويريدون أن يستفيدوا من حالة عدم المعرفة بهذه الأمور ليمرروا أجندتهم الحزبية الخاصة . #والتاريخ_لن_يرحم #معا_من_أجل_نشر_الوعي ولكم تحياتي 🖋منير معاوية علي باحث في العلاقات الدولية الخرطوم 15 يونيو 2019م

My post content