سرقة الثورات : السودان نموذجاً
شهد السودان، في شهر ديسمبر من عام 2018، تظاهرات واسعة في عدة مدن، كانت تعبيرًا عن سخط شعبي ضد الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتردية. لكن ما كان يبدو للوهلة الأولى ثورة شعبية عفوية، تبين لاحقًا أنه كان وراءها خيوط خفية، داخلية و خارجية. كانت هذه التظاهرات تستقطب تأييدًا جماهيريًا واسعًا، وسط مشاعر اليأس من النظام القائم، إلا أن كثيرين من السودانيين لم يكونوا مدركين تمامًا للملابسات الخفية التي دارت خلف الستار ، ولم يتبين لهم أنهم كانوا أداةً لمنظمات إستخبارية ودول معادية ومعاونيهم من الساسة الذين باعوا وطنهم ، تم إستخدام أساليب ونظريات للسيطرة على العقول الجماعية مثل: (سلوك القطيع) ، (العقل الجمعي) ، (أثر الفراشة) ويمكنك عزيزي القارئ البحث عن هذه النظريات والتأكد من مطابقتها لمجريات ماحدث في السودان. في خضم هذه التظاهرات، برز "تجمع المهنيين" كقوة قيادية، حاز على ثقة الشعب السوداني، الذي تمنى أن يكون هذا التجمع المخلص الذي سيقودهم إلى التغيير الحقيقي. لكن بعد نجاح اعتصام القيادة العامة في 11 أبريل 2019، ووسط تطورات المشهد السياسي، تراجع تجمع المهنيين بشكل مفاجئ. إذ ظهر بدلاً منه "قوى إعلان الحرية والتغيير"(قحت) وهي تحالف سياسي كان قد عانى من عدم الشعبية ورفض ونبذ الشارع السوداني لمكوناته السياسية. لم يكن هذا التغيير في القيادة واضحًا لكثير من المواطنين، الذين لم يدركوا أن تجمع المهنيين قد أصبح مجرد قناع لأحزاب سياسية انتهازية، تسعى لتحقيق أهداف خارجية، ويبدو أن قراراتها لم تكن موجهة لمصلحة الشعب السوداني بقدر ما كانت تلبية لمصالح دولية. تطورت الأوضاع بسرعة كبيرة، وأصبح المشهد أكثر وضوحًا بعد تمرد قوات الدعم السريع الذي بدأ في 13 أبريل 2023. تحركت قوات الدعم السريع بقوات، لمحاصرة مروي، وأدخلت تعزيزات ضخمة إلى العاصمة الخرطوم، وفي سلوك غادر قامت بمهاجمة مقر سكن رئيس مجلس السيادة وكبار قادة الجيش مما أسفر عن اندلاع حرب طاحنة. في هذه الأثناء، بدأ الشعب السوداني يستفيق من غيبوبته، مكتشفًا أن قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين، الذين كانوا في الواجهة، هم متعاونون مع هذا التمرد المروع، الذي أزهق أرواح الأبرياء،واغتصب الحرائر, وسلب ونهب الممتلكات، واحتل منازل المواطنين , وارتكب العديد من الج&رائم بحق المدنيين. عندما أدرك الشعب السوداني الحقيقة، كان الندم قد حل، لكنه جاء بعد فوات الأوان. لقد بات الشعب بين خيارين: إما الاستسلام لمصيرهم البائس، أو النهوض والمقاومة لمواجهة التهديدات التي تتعرض لها بلادهم وهو مايجري فعلا الان, وفي هذا السياق، أصبح من الضروري على الشعب السوداني أن يتكاتف خلف قواته المسلحة، ويقف صفًا واحدًا ضد المتمردين وقوى الشر التي تدعمهم. يجب أن يكون هدف الشعب واضحًا: تحرير الوطن من خونة ومرتزقة الداخل، ومن قوى الشر الأجنبية التي تسعى لزعزعة استقرار السودان. إن تجربة السودان تمثل درسًا واضحًا في كيفية سرقة الثورات والتلاعب بآمال الشعوب. ولعل من الضروري أن يتعلم السودانيون من هذه التجربة، ويكونوا أكثر وعيًا وحرصًا في المستقبل، حتى لا تتكرر مثل هذه المآسي، وتتمكن البلاد من تحقيق الاستقرار والتنمية التي تستحقها. وفي الختام ، يجب أن نؤكد على أهمية الوحدة الوطنية والتضامن في أوقات الأزمات، واليقظة لمواجهة المحاولات التي تستهدف إضعاف الدول وزعزعة استقرارها. #بحثاً_عن_العقل_الواعي 🖋️ منير معاوية علي باحث في العلاقات الدولية الرابع والعشرون من محرم 1446 هجرية الموافق الثلاثون من يوليو 2024 ميلادية الدوحة_قطر
1/23/20251 min read


My post content